المقادير :-
500 جرام من الدقيق
250 جرام من الحليب
60 جرام من زيت الزيتون
15 جرام من السكر
10 جرام من الخميرة
1 بيضة
نقطة خل.
الطريقة:
العجن والخبز عمليتان لا تتحملان العجلة, تتطلبان التأني والدقة والكثير من المحبة. لذلك إن كنت في عجالة فدع الخبز ليوم آخر.
ولكن إن كنت تملك الكثير من القلق وبعض من التوتر و ربما كان يومك مليئاً بغرامات وغرامات من الضغط العصبي فيمكنك أخذ نفس عميق وتحضير أدواتك وان تخرج البيض مبكراً حتى تحتضنه أجواء مطبخك الدافئ ليعطيك أفضل النتائج.
الجميع يعلم ان الخميرة لا تعمل إلا في أجواء من الدفء والراحة, البرودة تقتلها وتجعلها لا تشعر باهتمامك الكافي, وبالتالي ستفسد لك عجينتك و ستصاب بالإحباط وسوف تصب غضبك من يومك (اللي باين من أوله) على ملعقة كبيرة من الخميرة.
السكر صديق الخميرة, يُحلي أيامها ويساعدها على الفوران, يتفاعلان معاً وبينهم انسجام يساعدهم على النجاح, لكنهم يحافظون على المسافة والكم الكافي في تواجدهم معاَ. يعلمون جيداً خطورة الإسراف أو الإنقاص من أحدهم. الأول سيجعل عجينتك ملتصقة بشدة لن تستطيع التخلص منها إلا بشدها من يدك أو التخلص منها تحت الماء وتكون بذلك أخللت بمقدار العجين. والأخرى ستبدو في بداية الأمر أنها تعمل وانها تعطي فوران ممتاز, لكنها ستفاجئك في النهاية أنها لن تُخبز بسهولة بل وقد تصبح قاسية و تفقد ليونتها وهشاشتها التي كنت تتوق إليها.
يقولون دائماَ أن الإكثار من الشيء يَفسده, ويُفسد المُكثِر منه. لكنني لم أجرب في حياتي أي مقدار عجين و أكثرت فيه من زيت الزيتون وقد جربت الكثير, إلا ووجدته يزداد هشاشة و جمالاً ورائحة تجبرك على الأكل و نسيان أحزانك وإن كنت قد تذوقت لتوك أشهى أنواع الطعام, لن تقاومه. ولكن (الحلو مايكملش) إيجاد زيت زيتون بجودة عالية ومذاق ممتاز ليس سهلاً وإن كان وجوده سهلاَ. فسعره مرتفع بشدة مقارنة بأي نوع آخر من الزيوت. ولكنها طبيعة الحياة, الأشياء القيمة لا نحصل عليها بسهولة وان حصلنا عليها نستخدمها بعناية و لذلك كان ربع الكوب كافياً جداَ هذه المرة ليجعل فطائرك هشة و لذيذة .
لديَ شقيقة لا تُفضل وجود البيض في أي وصفة, تتجنب الوصفات التي تحوي الكثير من البيض. تقول أن رائحته لا تختفي مهما أضفنا إليه من فانيليا أو قرفة او أي شيئاَ آخر. وهي تستطيع أن تشمه في أي من المخبوزات, حلوة كانت أو مالحة. والحقيقة أنها قد تكون محقة, ولكن قد تكون كل الفرص التي جمعتها بمخبوزات يوجد بها بيض, كان البيض فيها غير طازج أو تم وضعه بعد وضع المادة السائلة في العجين وهذا أحياناَ يبرز رائحته. البيض كان بريئاَ في هذه المحاولات, ربما الطاهي أساء الاستخدام.
ولكن ما لا تعلمه شقيقتي, هو أنني قدمت لها خلال حياتنا معاَ الكثير من لفائف القرفة التي تحبها وأحبها وكانت تحوي من بيضة إلى بيضتين تختلف باختلاف كمية الطحين, وكنت أحرص أن أشمه طوال الوقت, وأتأكد أنه لا يوجد أي رائحة له لأني أعلم أني وضعت المكون السري الذي يخفي وجوده ولا يؤثر على وظيفته, فقط أضف نقطة خل ولا تجعلها نقطتين.
أقسم لك أن الحليب يصنع المعجزات!
لم أر في حياتي مكوناً يمكن استخراج العديد من المكونات منه مثلما رأيت من الحليب. إن استخدمته في حالته العادية يعطيك قرمشة ولوناً ذهبياً. و إن استخدمته رائباً, يعطيك نعومة و حموضة محببة. و إن أخرجت منه جبناً يبقى لديك مصل اللبن, أفضل اختراع لعمل فطائر هشة وخفيفة, ستخفف عنك أحمال اليوم.
ولا داعي للتطرق للقشطة, والزبدة أو السمن وكلاهما قادرعلى إذابة قلب أي قطعة عجين وتحويلها إلى صلصال تشكله كيفما شئت لتصنع فناً قابلاً للأكل.
ولأنه من الطبيعي أن تكون” الجنة من غير ناس ما تنداس “. فلا يمكنك أيضاً ان تقول انك خبزت شيئاً دون دقيق!.
ستكون وقتها, طهيت, صنعت, طبخت! لكن لا يمكن أن تخبز بدون دقيق. سيكون لديك سائل لزج تفوح منه رائحة الخميرة تنتظر ما يجمع شتاتها لتقف شامخة منتفخة بعد ساعة من التخمير لتقول أنت (ادي العجين ولا بلاش).
والحقيقة أنه رغم أهميته وضرورة وجوده, و السعادة التي يستطيع تحقيقها, إلا أنه مكون بسيط, يستطيع بكل أشكاله وأنواعه وحالاته أن يعطيك شيئاً جميلاً لتأكله, مهما حاولوا تعقيد مهمته و رفع قيمته بوضع اسمه جانب مكونات آخرى فاخرة أو حتى كلمة فاخرة بذاتها. يبقى دائماً قادراً على إتمام المهمة, لأنه سهل وسلس ينقذك برشة منه قبل البدء في التشكيل.
يوجد الكثير من المكونات في العالم التي يمكنك أن تصنع منها شيئا يسعدك ويشعرك بالراحة، والكثير منها يأتيك مغلفاً ومعبئاً وجاهزاً ليقوم بالمهمة. ولكن الغريب في هذا الأمر تحديداً أن مشاعر الراحة التي تشعر بها أثناء تناوله تنتهي بمجرد انتهائه. لتتنهد وتقف لتقرر كيف تستعد ليوم جديد.
ولكن هل تعلم ما الذي لا يختفي أثره بسهولة بعد الأنتهاء منه, بل إن مفعوله يتضاعف؟.
– إنه الخَبز.
لست مهووسة, لكنني أؤمن بالتجربة,والتحليل. وجامعة تورنتو تؤمن بذلك أيضاً. الخَبز يا عزيزي, وضع يديك داخل هذه الكتلة من العجين الذي استطعت ان تحوله من مكونات منفردة إلى عمل كامل متكامل قادر على إسعادك وربما إسعاد من يشاركك بقليل من المجهود والدقة والكثير من المحبة والضغط.
إن العملية بأكملها تبعث على الاسترخاء والراحة, النتائج ستشعرك بالنجاح السريع الذي تتمناه في كثير من الأحيان, ليس سريعاً جداً لكنه على الأقل خلال يوم واحد.
تخفيف الضغط و التوتر و أحياناً تقليل حدة الإكتئاب, لا يأتي من رائحة الخميرة, ولا من لون الفطائر الذهبي و ملمسها القطني.
بل يأتي من داخل عقلك وما صنعت يداك. يأتي من تركيزك على شيء واحد وهو وضع المقادير الصحيحة و أخذ خطوة للأمام وتحريك الخليط.
يأتي دائماً من انتباه حواسك لكل ما حولك, من أصوات الخلط و رائحة البيض, من ملمس الزيت و طعم السكر.
و الأهم أنه لا يُمكن أن يُصنع إلا من خلالك, و لذلك فإن شعورك بالراحة و تخفيف أحمال عقلك لا يأتي إلا من أخذك بزمام الأمور و سيطرتك على أدواتك و مقاديرك وطريقتك وستجد ذلك كله عندما تخبز.
يا الله على اسلوب الالقاء و التشبيهات المبهرة، حاسه انى بقرأ كتاب لكاتب مخضرم عارف امتى و ازاى يستخدم تشبيهات تشد القارئ حتى لو الموضوع مش من مجالات اهتمامه!
انا عاجزة عن ابداء رأيي في المقال الروعه دا و التشبيهات الجميله
من اكتر الحاجات الممتعة في انك تكون عارف الكاتب انك تقدر تقرا بصوته بيبقى صوته هو اللي في ودنك وقتها بتحس بتميزك و ارتقائك فوق كل القراء الباقيين ❤️ كنتي و ستظلي كاتبتي المفضلة يا صديقتي ❤️❤️
رووووعه بجد يا حنان